فلسطيني يكتب عن الثورة السورية
في خمسة سنوات ..... استطاع السوريون ان يعلموا العالم معنى ان تموت بصمت وان تلم ركام جرحك بصمت وان تنظر الى الامام بصمت ، على ان تُصر على حريتك ! في خمسة سنوات ..... قزّم السوريون تاريخنا وثوراتنا ووجودنا كله ، وجعلونا نمسح رموزه او معظمها ، واجبرونا على اعادة النظر في مُسلماتٍ سقطت ، ومباديء اهترأت ، وعناوين هوت ، غيروا كل شيء تقريباً ، حتى معنى الشهاده ، حتى الموت ، صار له في سوريا معنى آخر ! .... في خمسة سنوات كبرنا خمسين سنه ، هرمنا في عز الشباب ونحن نرى السوريين يختصرون التاريخ ويعاندون الزمن ويعيدون للوقت سيرته الاولى ! ..... في خمسة سنوات ، لم يعد الماضي يعني لنا شيئاً بايحاء السوريين الذين غيروا بلحوم ابنائهم معادلة الكون ، صار الماضي غريباً ، وصار المهم هو ما سيكون ، لا ما كان في ظل ما يقوله ويريده شعب يقاتل البراميل المتفجره وحيداً الا من ارادته ، وحيداً الا من اغنياته ، وحيداً من الا من شمسه التي لم تغِب ولا لن تغيب ! ..... في خمسة سنوات غير السوريون كل شيء ، الكلمة صارت شيئاً آخر ، الشعر ، الاغنية ، الدمعة ، القصيدة ، الحبيبة ، اللغة ، غيروا كل شيء ، وقلبوا كل شيء ، في خمسة سنوات ..... دوختنا سوريا ، صارت خبزنا اليومي وهواءنا النقي ، وحلمنا الذي نراه في النوم وفي اليقظة على السواء ، في خمسة سنوات ، قلبتنا سوريا غيرت فينا الكثير ، خلقت فينا وعياً لألف عام ، زرعت فينا اصراراً خفياً على المطاوله ، رسمت زهوراً وانهاراً وصبياناً وتيناً ، عشش في اذهاننا ، حلقت بنا سوريا الى اماكن مجهوله ، كشفت لنا وجوهاً ضاحكة تحمل وراء ظهورها الخناجر ، عبّدت بلحوم اطفالها درب الجنة الحقيقي ، اعطت فلسطين معناها ، وصبت الملح على جرح العراق ، انها سوريا ، انها الشمس التي لا تغيب !
إرسال تعليق